The following is a guest post by my very good friend and colleague, Ms. Hala Hassan.
بليدا 19/02/2014
أن تستيقظ في سلام شمس شباط الدافئة فهذه نعمة. انّها لأيّام جميلة من شتاء جنوب لبنان الهادئة التي لا يعكّرها سوى بعض المناورات الاسرائيليّة في البعيد وهدير الطائرات المعادية تلوّث زرقة السّماء تغطية لجنود حلى لهم التمختر على الحدود لانتشال ما تبقى من طائرة استطلاع تحطّمت منذ يومين.
ليس بما ذكرت ما هو خارج على ما اعتاده جنوب لبنان. أحداث عرضيّة بين الحين والاخر، لكنّ الهدوء صلب ومفروض.
لا يصب التوتر في هذه البقعة من لبنان في مصلحة أحد في الوقت الحالي.
إن أرض المعركة ليست هنا، ومن الغباء أن يظن البعض اننا نعيش في زمن السلم. ليست هذه الأيام أيام سلم. اننا نعيش حرباً بغضاء لا يعرف فيها العدو من الصديق، لا أحد يدري أين ستضرب يد الغدر هذا الصباح أو ذاك، وعلى من سيكون الدور.
“سماع دوي إنفجار في….” إملأ الفراغ بالمنطقة المناسبة، فليسرع الجميع إلى الهواتف المحمولة، إلى الأخبار العاجلة ومواقع التواصل الإجتماعي، فليتصل كل باحبائه واصدقائه. “زمطنا”، أصحيحٌ اننا “زمطنا”؟
لا استطيع أن أحصي عدد التفجيرات في الأشهر الماضية، ولا أقدر على تسمية اللوائح الطويلة الشابة بأسماء الذين قضوا “شهداء”.
أنا لا أوافق على هذه التسمية؛ ليس شهيداً من يقضي غدراً، لا هو بحامل قضية ولا مدافعٍ في أرض الوغى.
على كلٍ، ليس الخلاف على التسميات والصفة، فقط ألمٌ على أحلامٍ تدفن هنا وبريق يخفت هناك.
لي في حارة حريك منزلٌ اشتراه أهلي منذ 3 سنوات. لا نسكنه ولكن نتردد للزيارة بين الحين والأخر، خاصةً انني اقطن في الأشرفية بهدف متابعة الدراسة في كلية الطب في جامعة البلمند والتدرب في مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي.
لما كل هذه التفاصيل؟ في الواقع هذه تفاصيلٌ مهمة. لم أترك منطقة الاشرفيه متوجهةً إلى حارة حريك منذ أكثر من ثلاثة أشهر. كيف اذهب وأنا أعي خطر التفجيرات الذي يحوم في الأجواء.
حسناً، فلننسى أمر البيت في “الضاحية الجنوبية”، هذه العبارة التي تكتسب الدلائل والإيحأت يوماً بعد يوم. فلنعد إلى 19/02/2014.
دوي إنفجار في محيط السفارة الكويتية. السفارة الكويتية في بئر حسن.
لمن لا يعرف هذه المنطقة، أو للذي لا يسمع في هذه العبارات سوى “كويتيه” و-”حسن” (شبيهة بلاد الواق واق) فليعلم أن في محيط السفارة تتجمع الباصات والفانات التي يستقلها كل ساع إلى جنوب بيروت. من خلده حتى بليدا، من صيدا إلى الناقورة، من الجيه إلى النبطيه، وأذكر هذه المناطق أمثالاً لا على سبيل الحصر.
مئات من طلاب الجامعات والموظفين، من الكهول والنساء والأطفال، مسلمون ومسيحيون، مدنيون وعسكريون ( اسألوا أبناء عكار الذين يخدمون في ألوية الجيش الجنوبية، اسألوهم عن “فان السفارة”).
عودةٌ إلى الواقع. الذهاب من وإلى بيروت أصبح “خطراً” الأن. فلأقضي عطلتي السنوية في المنزل وامتنع عن سلوك طريق “بيروت- الجنوب”. هذا ما سيقوله الأهل وستقنعني به صور الأشلاء والخوف.
لقد ضاق الخناق .
في الحرب، في حرب لبنان الحالية، في هذه الحرب النفسية النجسة لن أدخل الضاحية، ولن استقل فان السفارة، على الأقل في هذه الأيام….
ما هي هذه اللعنة؟
أهي لعنة أل”حسن” في إسمي؟ أهي في “المسلمة الشيعية” على إخراج قيدي؟
أنا أحب الحياة. أحبها لي و لغيري من مواطني هذا البلد، لكل من يستيقظ سعياً كل صباح لعلمه أو عمله، يركض وراء كفاف يومه، يلقي التحية على أخيه اللبناني، يدعو له بالعافية وبخير الصباح والمساء.
فليعلم القاسي والداني أن في لبنان من تتخطى رؤيته للواقع حدود ألدين والطائفة، حدود المنطقة واللهجة، حدود الجنوب والشمال (تحية حزينة للشمال المعاني)، حدود سورية وإسرائيل، حدود التكفير والتجريم.
سنبقى نحلم باليوم الذي تسقط فيه التهم عن الأسامي ويتوقف فيه الخوف من الإرهاب الإنتقائي الذي لا يغتال سوى البراءة والأفكار العزّل، وتصبح ” الحمدالله على السلامة” مجرد عبارة.
الأمن فالأمن وثم الأمن.
أمن اليوم، لا البارحة ولا المستقبل، لا أمن الاف السنين الماضية ولا أمن الحياة بعد الموت. أريد أمن 19/02/2014.
هالة حسن
بليدا في 19/02/2014
Filed under: Lebanon, Life